**المغرب... وبالضبط في الدار البيضاء...**
في ذاك النهار الماطر...
بعد غياب ولد هاد العائلة الكبيرة والغنية اللي كان مسافر لروسيا...
رجع اليوم وهو حامل أمتعتو وكله شوق لأهلو...
للأب ديالو، والأم ديالو، وأخو الصغير اللي عندو 9 سنوات... يونس...
"يمااااه! يوباااه! فينكم؟ يونس!"
الأم (نهضات من الكرسي على طابلة الأكل): "ولدي! ولدي أيمن!"
الكل نهض من الكرسي والشوق مالّي قلوبهم لولدهم اللي غاب عليهم خمس سنين كيسخّر برا.
لحظات صمت... وحنين...
الجميع بدا كيسلم وكيدير كلمات شوق للبعض.
ترحيب حار كيملاه الشوق...
ولكن فجأة... قال أيمن بارتباك وخوف:
"بغيت نعرّفكم على... على... على نيكول، مراتي... من روسيا..."
خرجت من الباب الكبير واحد المرأة زوينة بزاف... سحرات عيون الناس اللي شافوها...
شعرها شقر... عينيها بحال لون السماء الصافية... بياضها بحال التلج الناصع... نعومة فائقة...
جسمها ممشوق وكاتغطيه العباءة... ابتسامتها كيدوبو ليها القلوب...
ولكن...
الكل حط يده على قلبه... مصدومين من اللي كيشوفو واللي كيسمعو...
عائلة كبيرة ومعروفة في الدار البيضاء كلها على سمعتهم ومالهم اللي ما كيقارن بحد...
وفجأة ولدهم غدر بيهم وتزوج بنت من أصل روسي، ماشي عربية، وبالضبط سعودية...
ومن عائلة ما كيعرفوش شنو أصلها وماشي من مستواهم...
الأب مشى عند ولدو وقال بهدوء:
"شنو كاتقول أنت؟"
(بلع ريقه اللي جف من الخوف وقال):
"بحال اللي سمعتي يوبا... هادي مراتي... تزوجنا من عام... وهي دابا حاملة في شهرها الثالث..."
"من ورانا؟ وبلا ما نعرفو؟ وعلى بنت ما كنعرفوش شنو أصلها؟ وروسية؟"
(وها هو وقع اللي ماكانش كيحسب له حد، ولا حتى أيمن بطلنا)...
أما يونس اللي واقف من بعيد كييشوف بخوف ويسمع الصراخ ديال أبوه على أخوه أيمن... ماعرفش علاش ولكن عرف أن هادي هي مراتو...
(وفي الأخير قال الأب بعصبية وجنون):
"خرج برا ما بغيت نشوف وجهك... ولا عادت ولدي ولا كنعرفك... فظحتني بين الناس شنو غايقولو إلى عرفو... ولدي تزوج من وراهم ببنت ماشي عربية؟ ما كنعرفوش شنو أصلها؟ بنت الزنقة..."
(ولكن أيمن ماقدرش يتحمل وقطع كلام الأب):
"يوبا ما نسمح ليك تقول عليها بنت الزنقة..."
(ما عادش قدر يتحمل الأب اللي كيدير وقال):
"خرج برا... وأنا متبرى منك ليوم الدين... ما عادت ولدي ولا كنعرفك من اليوم وطالع..."
(الأم طاحت عليهم من اللي كانت كتشوف وتسمع... يونس ركض عند الأم وهو كيبكي ماعارفش شنو القصة ولكن اللي كيعرف هو أنه خايف على أمو...)
(صرخات الطفل كيبكي): "يماااااه! يمااااه! يوبااه شوف أمي طاحت... أيمن، أيمن أخويا... شوفو مي... يماااه!"
(ركضوا بكل خوف عند الأم...
ودّاوها للمستشفى... الكل على أعصابو... خايف وكييدعي أن ربي يسترها...
خرج الطبيب بعد ساعة ونص... سئلوه بكل خوف...
ولكن كانت الصدمة عليهم لما قال:
"آسف نقول ليكم أن الوالدة أصابها شلل نصفي من آثار الصدمة اللي ما تحملاتها... الله يكون بعونكم وعونها..."
(كانت بحال الموية الباردة اللي تسكب عليهم فجأة... أيمن ماقدرش يحبس دموعو اللي تسالاو على خدّو بلا سابق إنذار...
والأب اللي جلس على الأرض ما قدرش يوقف على رجليه... مسك راسو بكل أسف وحزن...
أما يونس الطفل البريء مشى عند أبوه وقال بكل خوف ودموع:
"بابا شنو يعني شلل؟ بابا، ماما ماتت؟"
(ماجاوبوش ولكن أيمن مسك أخوه وضمه وهو كيبكي... ماطولوش على هاد الحال حتى الأب يبعد يونس على أيمن ويقول بكل عصبية وغضب جنوني):
"سير اللي مايحفظك... أنت السبب فكل اللي وقع... لا عاد نشوف وجهك مرة ثانية... أنا متبرى منك..."
(بين شهقات دموعو): "ولكن يوبا... يوبا عفاك ما تقساش عليا هكا... سمعني فالأول... صدقني أنا..."
(قاطعه الأب بغضب أكبر): "كنقول ليك سير على وجهك يالخسيس..."
(بتوسل وهو جالس على الأرض وممسك بثوب الأب): "يوبا عفاك... يوبا عفاك ما تقساش عليا أنا ولدك..."
(بغضب أكبر): "لا عاد ولدي ولا أنا كنعرفك... ومن اليوم وطالع ما عندك حتى فلس من عندي... سير وعيش حياتك بحال ما بغيت... خرج دابا على وجهي..."
(مشى وخلاه ودا يده ولد صغير اللي ما فاهم والو غير أن أبوه غاضب على أخوه أيمن...)
مرات الأيام والشهور...
أيمن سافر للإمارات في دبي وعايش حياتو في شقة صغيرة مع مراتو نيكول اللي معصبة من الفقر... كانت متوقعة أن حياتها غتكون كلها فلوس بفلوس... ولكن وقع اللي ما بغاتش...
وهي عيشة الفقر اللي متعودة عليها من اللي خرجات فالحياة... رغم أن أيمن كيموت فيها ومعمي على أي حاجة أخرى...
وصلت الشهر التاسع... وعلى نهاية الأسابيع...
كانت نيكول واقفة قدام دكان قدام شقتها وكتشوف الساعة ديالها وهي مستغربة علاش تأخر أيمن حتى دابا ما رجعش من الصباح؟
ولكن لحظات من التفكير وهي... رن تليفونها:
"آلو...!!!؟؟؟"
"بصرخة...؟!؟"
ما حستش براسها حتى لقات راسها فالمستشفى كتولد... كانت كتصارخ... كتعيط...
إي نعم، كتعيط على زوجها اللي مات وتركها مع اللي فكرتها؟ وصلها خبر على حادث فالصباح وهي دابا العشية... ولكن ما لحقوش عليه... توفى فثواني من حادث سيارة عنيف...
(صرخة...
طفل خرج للحياة...
لا، بل أصبحت صرختان لطفلتين ها هما خرجو للحياة... ولكن...
كانت الصدمة عندما سمعو الجميع صرخة الطفل الثالث اللي الصباح تولد...
بالقليل فحياتنا نجد ثلاث توائم... فكيف إذا كانو ربعة توائم؟
وهذا ما وقع مع نيكول... عندما سمعو صرخة الطفلة الرابعة...
الممرضات مبهرين من اللي كيشوفوه...
ثلاث بنات وولد واحد توأم؟!
أول مرة تقع عندهم فالمستشفى...
(بعصبية من الطبيب): "كيف ما عندها ملف... القضية سيبة... تولدون بلا معلومات على الحامل؟!"
(الممرضة بخوف): "دكتور، حنا ما عارفين حتى حاجة... لسا ما فاقت المريضة باش نسولوها ولا نعيطو على شي حد من العائلة ديالها..."
"طيب، شكون اللي جابها للمستشفى؟"
"واحد سائق طاكسي قال شافها طايحة فالزنقة وجابها لهنا بسرعة... وهو ما يعرف حتى حاجة عليها..."
(الطبيب خايف أن شي حد يعرف من المستشفى كيف سمح للقسم بالولادة لحد بلا ملف متواجد عندهم من قبل وما يعرفون حتى حاجة على هاد السيدة...)
في اليوم الثاني... جات الممرضة كتجري عند الطبيب خايفة...
"دكتور، المريضة ما بقاتش هنا!"
(برعب): "كيف يعني؟ هربات؟!"
(بخوف): "ما عرفتش، ولكن خلات هاد الورقة على سريرها..."
(خذ الطبيب الورقة بيدين كترتعش... توسعت عيونو من الصدمة وهو كيقرا المكتوب بالإنجليزية...
والمعنى هو:
أطفالي أبناء أيمن بن سعد بن محمد الـ...
الطبيب عرف صاحب هاد الاسم المشهور فالكازا من تجارتو الكبيرة اللي كل أعمالو فدبي... معقولة هادي مراتو ديال ولدو أيمن؟ وهو يعرف أيمن اللي دوما مع أبوه كيخدم معاه فدبي...
ولكن الفاجعة الأكبر... أن ايمن البارح توفى في حادثة... واش معقول هاديك البرّانية متبليات عليه؟؟
كل شي غادي يبان إلا سولنا العائلة... أما هاديك البرانية باين أنها هربات من ولادها...
ولكن فين غادي تكون؟... كلشي نزل على راس هاد الطبيب...
وأمهم اللي هربات منهم... وتبلات على شخص تقول أنهم ولادو...؟ وشخص متوفي بعدا...
والله مصيبة فوق راسك يا دكتور يوسف...
خاصني نتصرف قبل ما شي حد يعرف بهاد المصيبة اللي تقدر تحرمني من خدمتي بسبب الإهمال ديالي وإهمال القسم ديالي للقوانين...
(دكتور يوسف سافر للدار البيضاء من بعد ما فقد الأمل في حسان أنه يجاوب على مكالماتو... ولكن كانت الصدمة كبيرة على الجميع ملي قال بكل ثقة:
"ولدي ما تزوج أصلاً لا على برانية ولا على مغربية... وإذا عندك اعتراض على كلامي، جيب لي الأوراق اللي تثبت أن هادو ولاد ولد."
(الدكتور بارتباك وخوف من المشكلة اللي طاحت على راسو): "ولكن... آه... المريضة كتبت اسم ولدك وما معقول تكتبو من الباب للطاقة..."
(والله هادي مشكلتكم ما عندي دخل فيها... وإذا عندك إثباتات على صحة كلامك، جيب لي الأوراق اللي تثبت أن ولدي أصلاً تزوج أو عندو ولاد من شي برانية اللي رامت البلوة على ولدي... ودابا ما نعتقد كاين كلام بيناتنا..."
(تنهد بصعوبة من هاد المشكلة اللي جات على راسو... قام وخرج بلا ما يقول حتى كلمة...
كايخمم آش غادي يدير بهاد التوام... كيفاش غادي يلقى باهم... واش هما بالفعل ولاد المرحوم ايمن ولا غير ابتلاء عليهم فقط...
(دازت شهر على هاد الوضع والمستشفى كامل عرفو بهاد القصة... دكتور يوسف طردوه من الخدمة من بعد ما فقدو الأمل في وجود نسب لهاد الولاد المساكين...
أما الولاد قررو يديهوم لدار الأيتام...
(كــــــلشي في المستشفى ضايق خاطره على حالة هاد الولاد...
كلشي اللي كايمر قدامهم في الحضانة كايبان عليه الدهشة من نقاوة وجوه هاد الولاد اللي كايشبهوا لبعضهم فكل حاجة...
بريئين... مظلومين من قبل عائلتهم المتسلطة...
أمهم هربات وخلاتهم... وأباهم توفى في حادثة... وجدهم تبرى منهم بكذبة ما قدر حتى حد يثبت ليها أوراق قانونية...
<<<كلشي في المستشفى كايعرفو هاد القصة ولكن ماعارفينش واش بصح هادوك ولاد ايمن ولا لا...
في ليلة من الليالي، كانو واحد الأم والأب حالتهم تقطع القلب، كيبكيو على التوام ديالهم اللي متشابكين فالرأس... كيتسناو العملية تنجح... عائلة مغربية خدامين لولدهم التوأم باش يفصلوهم... من بعد ساعات طويلة عامرة بالانتظار والخوف والدموع... خرج الدكتور ومعاه خبر زوين وخبر خايب... التوأم... واحد منهم عاش والله الحمد والعملية نجحات فيه... أما الولد الثاني مات وماقدروش ينقذوه... الأم تخلعات وبكات بزاف، والأب حاول يخفف عليها...
من بعد يومين، هاد العائلة سمعو بقصة الأطفال الأربعة التوأم ديالنا... قرر الأب ياخذ الولد ويكون توأم لولدهم اللي يعوضهم على ولدهم الثاني اللي مات... من بعد ما دارو الإجراءات القانونية، قدر أب العائلة ياخذ بطلنا توأم البنات ويربيها عندهم في المغرب...
عائلتنا المغربية كتكون من:
- الأم: حليمة، ربة بيت... عندها شوية ديال النرفزة ^__^ يعني بمعنى "قشيرة"
- الأب: حسن، مشغول بزاف فخدمتو... رغم أنه ماشي تاجر كبير... يعني من الطبقة المتوسطة.
- البنت: منال، عندها ثلاث سنين، مقعدة على الكرسي...
- ولدهم سفيان، توأم المرحوم...
- أما بطلنا اللي تبنوه، سميتو أنس...
عائلة بسيطة بزاف، عندهم أعمام وخوال بسيطين من الناحية المادية ما عدا عم واحد وغا نتعرفو عليهم مع مرور القصة...
**********
كانت شي عجوز اللي ولادها ما كيبغيوهاش، وخلاوها فالمستشفى وما كيهمهمش فيها... سمعت على قصة التوأم وقررت أنها تاخذ بنت تعوضها على ولادها اللي ما كيهمهمش فيها... من بعد الإجراءات اللي طولت كالعادة وهي صابرة حيت معولة على هاد البنت اللي بغاتها، رغم أنها كانت بغات تربيهم كاملين ولكن ما قداتش حيت ماعندهاش القدرة تصرف عليهم فدارها الصغيرة الفقيرة...
وفي النهاية، قدرت تاخذ البنت وتربيها فدارها الصغيرة في الحي الفقير...
العجوز سميتها: عائشة...
ولادها ثلاثة كبار:
- يوسف، عندو 32 سنة، مزوج من مريم وعندهم ثلاثة ولاد صغار...
- سعيد، عندو 28 سنة، مزوج من ليلى، وعندهم بنت وولد...
- فؤاد، عندو 20 سنة، كيبغي بنت سميتها سارة وناوي يتزوجها...
وكل واحد فيهم أسوأ من الآخر... (لول)
أما بطلتنا اللي سمتها:
(حسناء)
**********
أما الدكتور يوسف، اللي طردوه من خدمتو، قرر أنه ياخذ واحدة من البنات التوأم ويربيها، وهو عندو غير بنت وولد واحد...
مراتو سميتها: سميرة... مهملة لدارها ولراجلها وحتى لولدها... وكانت هي الأولى اللي عارضت فكرة التبني، خاصة للبنت اللي ما كيعرفوش الأصل ديالها... ولكن يوسف ما خداش بها وصمم يربي واحدة من أبطال القصة ديالنا...
ولدهم نفس العمر ديال أبطالنا حيت تولد بنفس الشهر ديال التوأم ديالنا، وسميتو كريم...
من بعد ما سالات الإجراءات، قرر يسميها:
(رانية)
عايشين فشقة بسيطة في عمارة فيها خمس طوابق...
حياتهم بسيطة وزادت تعقدات من بعد ما طردوه من الخدمة وبدا كيدور على خدمة جديدة في شي مستشفى آخر...
**********
بقيت في المستشفى طفلة واحدة من أبطالنا... الكل كان متعاطف معها حيت ما كان حتى حد جا يتبناها ويربيها... كل الممرضات كيدوزو عندها ويهتمو بيها من تعاطفهم معها، حيت عارفين ومتأكدين أنها غادي تمشي لدار الأيتام...
في المستشفى كانت واحد الطبيبة نفسية، كانت متعاطفة بزاف مع هاد الطفلة البريئة اللي مظلومة من قصتها اللي ما معروفة ماشي معروف...
الطبيبة سميتها: هند...
ورثت من راجلها بزاف ديال المال، زيادة على مكانتها كطبيبة نفسية...
اليوم كانو غادي يجو أصحاب الميتم وياخذوها...
فداك الوقت، وفي داك الساعة، دخلو أصحاب الميتم باش ياخذو الطفلة عندهم...
الطبيبة هند كانت واقفة من بعيد وعينيها مغمورة بالدموع ماعرفتش علاش هاد البنت دخلات لقلبها...
كل الممرضات كانو كيبغيو هاد البنت الرضيعة حيت جلست معهم أكثر من توأمها... شدوها مع الأغراض ديالها من المستشفى ولفوها في بطانية صغيرة وردية...
ولكن فجأة، الطبيبة هند مشات كتركض عندهم وخداتها منهم وضمتها لصدرها بحنان... ودموعها على خدها صافية...
قررت بلا تردد أنها هي اللي غادي تربي هاد البنت...
والعناوين:
(ليلى)
وفعلا... سالات الإجراءات حول موضوع التبني بطبيعة الحال، ولكن ما تحسباتش فعايلتها... (تطبيقا للإسلام وأحكامه لكل أبطالنا اللي أسماؤهم بنسب مجهول...)