قصة قلوب مشتتة

قصة رومانسية قلوب مشتتة

قصة بالدارجة المغربية

قلوب مشتتة

البارت الأول - 


مات الحب من دفتري ديال الكلمات، حيث كان مظلوم بحال كيفاش ظلموني، بحال كيفاش كلشي حكم على قلبي وحالي من بعيد بلا ما يسمعو أو يشوفو ف عيني كسرة قلبي لي فات. حكموا على المشاعر ديالي بلا ما يحسو بيها، حكموا على الإحساس ديالي بلا ما يدخل الحب لقلوبهم. القلوب ديال الناس كلها ولات قاسية، ما بقاتش تعرف الحب، غير كيفاش تستغل الفرص سواء لصالحها أو لا. الحب مات بحال كيفاش قتلو قلبي قدام عيني وخلاوني نبكي بوحدي ف الجنازة ديالي...!


ف واحد الحي الراقي ف مدينة الرباط، وبالضبط ف داك القصر لي واسع بزاف، محاط بالحراس من كل جهة. هاد القصر مبني على طراز كلاسيكي ضخم، ورغم المساحة الكبيرة ديالو، إلا أنه كيخلو من الدفء، حيث الجدران ديالو باردة بحال السكان لي فيه. بالرغم من الغنى الفاحش والمظاهر ديال الرفاهية لي كيبانوا ف الأثاث ديالو ومفروشات مطرزة على آخر موضة.


ورغم أن القصر عامر بالسكان، غير ف جوج غرف كانت فيها الحرارة ديال الحياة. وحدة لغرفة ديال بنت عندها 22 عام، والأخرى هي غرفة مرأة ولدهم لي مات، لي كانت جالسة فالبركون ديالها مع طلوع الشمس. الشمس كاتدخل بأشعتها على الأرض، وكيحسوا الناس بالدفء ديال خلق الله.


ليلى سالات صلاة الفجر، وجلسات كالعادة ديالها تتلو الأذكار ديال الصباح. ناضت، وشمات الجو النقي والجميل ديال الطبيعة لي دايرين بيها. المنظر الرباني كان رائع للقلب قبل العين. قطرات الندى لي كانت فوق أوراق الشجر كيبداو يختفو مع شعاع الشمس. وقفَت كتشوف الزروع لي كتحيط بالقصر من كل جهة. كانت تحس بالنسيم ديال الصباح لي كيكون منعش. ما كانتش كتبغي ف هاد القصر إلا المساحات الخضراء لي كتعيش معاها.


شدات الدفتر ديالها وبدات تكتب فيه كلمات لي كانت حاسة بيها:

"ما عليهش يا العاصي... مرحبا بحياة... نلتقيو فيها كل نهار ألف مرة بلا لقاء...! فعلاً، الكراهية هي الأسهل... أما الحب راه كيحتاج نفوس عظيمة."


قطع اندماجها ف الكتابة صوت ديال إشعار رسالة وصلات للتلفون ديالها. شدات التلفون وبدات تشوف شكون لي راسلها ف هاد الصباح الباكر. ناضت بحال اللي لسعاتها لسعة عقرب، وحست بشي حاجة واقفة ف حلقها كتحبس النفس ديالها ملي شافت الرسالة.

مسكات التليفون وكتشوف شكون لي صيفط ليها هاد المساج:

"ليلى، إلا ما بغيتيش راكان يعرف أنك حاملة وممكن يقتلك، خاصنا نجلسو ونهضرو، وأنا على ما كنعرف أنك مؤمنة وعمر ك ما تفكري تطيحي البيبي..."


لونات الصدمة وجهها، وبدات كتشوف حداها بحال اللي غادي للإعدام. جلسات وعينيها متحجرين بالدموع، كيفكرات فداك الراجل اللي كانت كتحسابو مصدر قوتها وحمايتها. كانت كتحسابو الملاذ ديالها الأول، ولكن ضربها بحدة، بحال ضربها القدر سواء من عند راجلها لي مات ولا من راجلها الحالي. بان وجهو قدامها بحال ذئب بشري لي دار ليها الفخ فالبئر المظلم.


مسحات دموعها اللي نزلات على خدودها، حرقوها بحال ما كتحرق العافية سنابل القمح. مسكات تليفونها وجسمها كيرجف، وبدات كتحسب اليوم اللي دار فيها هاد الشي. صيفطات ليه ميساج وهي كتصرخ:

"إنت شنو باغي مني؟ ما كفاكش داك الشي اللي وقع بسبابك؟ كتهددني براكان؟ الله ياخذك إنت وياه فواحد اللحظة! ربي ينتقم منكم. وغادي نطيح البيبي. يارب تكون مرتاح!" قالتها بحسرة وحزن في نفس الوقت. ما عطاتو حتى فرصة يرد وسدت التليفون، وحطات يدها على كرشها وهي كتبكي بصوت مخنوق.


"شنو ندير يا ربي فهاد المصيبة؟" قالتها وهي حاسة بالضعف، حيث الزمان دار فيها وسقطها فبئر مظلم ما عندوش طريق للخروج وهي مكبلة.


بقات فهاد الحالة مدة حتى سمعات طرقات خفيفة على باب الغرفة ديالها. الطرقات كانت خفيفة بشكل يبين على الحيوية والجمال ديال اللي غادي تدخل. سمحات ليها بالدخول من بعد ما مسحات دموعها.


دخلات سيلين بمرح ديالها بحال الفراشة، وابتسامة زوينة مرسومة على وجهها. 

"صباح الخير يالولة. أنا قلت أكيد ناضت."


رسمات ليلى ابتسامة على وجهها ولكن ما وصلاتش لعينيها، حيث كانت حاسة بالانهيار الداخلي ديالها. جاوبات:

"صباح الخير ياسيلي."


شافت سيلين فيها بتأمل وسولات:

"كنتي كتبكي ياليلى؟"


هزات ليلى راسها وهي متجهة عند ولدها اللي فاق من النعاس وجاوبات:

"ماشي العياط اللي فبالك. غير بابا وماما توحشتهم بزاف، وطبعا خوك اللي ما عرفت كيفاش كتتحمليه. حابسني فواحد السجن من حديد..."


كانت إجابة كاذبة غا تهرب من الأسئلة ديال سيلين. سيلين ربتات على ظهرها حيث هي عارفة الأحزان ديالها، ولكن الكلمة حبسات ففمها وما عرفات كيفاش تهون عليها. تنهدات وشافت لداك الطفل.


بقاو جوج فالصمت شوية حتى قاطعهم أمير، الطفل اللي عندو عام ونص، وهو كيقول كلمات طفولية:

"ماما، ماما، سين، سين..."


مشات سيلين حطاتو فحضنها وبدات كتهضر معاه بمرح:

"قولي اشنو ندير فيك اشنو؟ نغديك يالا يا أمير."


شافت ليلى وتكلمت باش تخرجها من الحالة اللي فيها وقالات ليها بضحك:

"ما عرفتش علاش، ولكن حاسة أمير ولا بحال عمو راكان. حتى شوفي عينيه، كتجي بحال عينيه، كيعجب بحال عمو."


برقات ليلى عينيها، وشافت بين سيلين وأمير، وحسات بحال اللي صب عليها واحد سطل ديال الماء البارد فليل شتا قارس. شدت أمير وكتشوف فيه بحدا، وحاسة برجفة كتجري فبدنها وما عرفات علاش، عاد دفعات سيلين بيدها بوهن، وبدات كتهدر بلسان تقيل بحال اللي كيتعلم يهدر:

"إنت كتفرسيني ياسيلي. بغيتي تخليني نكره الولد؟ كتشبهيه بالتنين المجنح ديالك."


ضحكات سيلين بصوت عالي، ومالت بجسمها وهي كتسخر منها:

"واش راكان اللي كل بنات  المغرب كيتمنو نظرة منو، كتشبهيه بالتنين يالولة؟ وحق الله قلبك قاسح بزاف!"


اشعلات الغضب فليلى، وشافت سيلين بنظرة تحذيرية:

"بالله عليك، ما بغيتش نبدأ صباحي على ذكر اسم الله يعطينا فيه العذاب. بلاش تجيبي سيرته، مع إنه مسافر ومرتاحة منو. ولكن تلاقيه ناط ليا هنا يجي على السيرة بحال الشيطان اللي يجي على المزمار!"


ضحكت سيلين ضحكة صاخبة، حتى جلسات كتشد بطنها من كثرة الضحك. ليلى زفرات بحركة حادة وقالات ليها:

"بطلي الضحك يابنتي. حمدي الله راه داك المتكبر ماشي هنا. أنا كنقول لك، والله كنهدر معاك وأنا مرتاحة. هدوء كبحال البحر الأحمر وصافي. وخوك المتكبر ماشي هنا، الحمد لله. ياربي يمحيه هو و داك التكبر ديالو.

وضعات سيلين يديها على فمها ملي حسات قلبها واقف من كثرة الضحك. ناضت سيلين وهي كتحرك حاجباها وقالت بطريقة اللي خلاتها تبان بحال الكتكوت المبلل:


"لالة، راكان تحت وباغي يشوف أمير..." ومن بعد خذات الطفل من يديها وهي كتشوفها بشقاوة.


"غادي ناخد أمير عند راكان، فاق من النعاس وكيسول عليه، وانتِ وجدي راسك ونزلي، يازوجة راكان البنداري اللي كادير ليا صداع راسي الله يهديك."


صدمة قوية ضربات قلبها وفرقاتو لأشلاء...


وبعينين مشتتين وقلب اللي فتتو الألم من شدة اللي شافت فذاك الدار، خصوصا ذاك راكان، طالعها وهمسات بضعف:


"هو جا..."


سيلين شافت حالتها بالشفقة وهزات راسها بحنان وقالت ليها بسرعة:


"ليلى، والله راكان مزيان، ماعرفتش علاش مقتنعة بلي هو عدوك... بغيت نقول ليك جربي تقربي منو وبلاش هاد الأسلوب القاسي ديالك..."


ورغم بساطة كلمات سيلين، إلا أنها نجحات في تهدئتها فأجابت:


"لا مزيان ولا خايب، خليه بعيد عليّ يا سيلين... وبعدين هو اللي خلاني نكون هكا... نهار دفني حية فهاد الدار..."


ربتت على كتف سيلين وزادت:


"سيلين، ماتزعفيش مني ولكن أنا بالصح كنموت وما بقى فيا والو."




تعليقات